وضع حجر الأساس لمعمل ترخينه للمواد الغذائية منذ حوالي ۶۰ عاماً أي حوالي ۱۹۵۷م، وبدأ الأمر بفكرة صغيرة وطموحة لرجل طويل القامة باسم المرحوم رضاقلي علي آبادي بنيسي بالاستعانة بالحد الأدنى من الإعلانات والتي كانت تجري في ذلك الوقت ضمن نطاق محدود وذلك من المسافرين الغربيين المعدودين أو القوى أو الأسر التي دخلت البلاد تحت عنوان مستشار عسكري أو صناعي بسبب تبعات الحرب العالمية الثانية والاستعمار. وبعد تربية هذه الفكرة وتطويرها، أصبحت ماركة ترخينه اليوم الأولى والرائدة في مجال صناعة تقشير الحبوب وتحويلها إلى منتجات مختلفة لتتمتع الآن بمكانة ممتازة وخاصة.
تبلورت فكرة إعداد المواد الغذائية الطبيعية الغنية بالألياف، وبتعبير آخر توفير وتغليف المواد الغذائية التي تنتمي إلى عائلة الحبوب ذات القيمة الغذائية العالية دون أعراض جانبية، في البداية خلال عملية إعداد وتصنيع جهاز لتقشير الحبوب بشكل أولي (القمح والشعير) يعمل على الديزل.
وقع مكان إحداث المشروع وتدشينه بداية في واحدة من أقدم مناطق طهران في شارع سيروس بين شارعي بوذرجمهر و سرجشمه قديم، وأنجزت عمليات التركيب والتنفيذ والتدشين في المكان القديم منذ حوالي ۶۰ عاماً بواسطة المشار إليه و أولاده.
بدأ العمل بشراء المواد الأولية مباشرة من المزارعين أو الوسطاء بأدوات قديمة ونقلها باستعمال الدواب إلى المعمل لتبدأ عملية الغربلة والتقشير بواسطة المكائن التي تعمل على الديزل توضع في أكياس خاصة بشكل غير معبأ. يغسل الشعير والقمح في البداية للتخلص من الشوائب ثم يجفف في الهواء الطلق ويتم التخلص من الشوائب المتبقية عن طريق الغربال ثم يجري تقشيره وغربلته مرة أخرى ثم تعبئته في أكياس فارغة محضرة مسبقاً بأوزان ۵۰ كغ ويرسل إلى الأسواق. كانت كافة شؤون الإنتاج والتسويق تتم بمساعدة أفراد العائلة. جدير بالذكر أنه وبالإضافة إلى القمح والشعير والنخالة الناتجة عن الغربلة والتقشير، توجد حبوب صغيرة ناتجة عن عملية الطحن وكانت توزع في السوق باسم البرغل. ورغم التحديات الأساسية التي بدأت منذ ذلك الوقت والتي تمثلت أهمها في نشر ثقافة استهلاك هذه المواد كحاجة أساسية كونها تحتوي على قيمة غذائية عالية ولا تسبب أية أعراض جانبية، لكنها اليوم تسوق وتستهلك ويتم تغليفها وتوفيرها للأسواق.
بعد مرور حوالي ۳ سنوات على توسع المدن ونموها ولا سيما مدينة طهران التي شهدت توسعاً شديداً وتوفيراً لفرص العمل المختلفة وخاصة في القطاع الخاص، فقد أصبح موضوع رخصة التأسيس والاستثمار في الأولوية وفرضت بلدية طهران الحصول على رخصة لمزاولة المهن لأجل متابعة الفعاليات، حيث كانت شركة ترخينه الأولى والرائدة في هذا المجال حيث نجحت في الحصول على الرخص اللازمة في الفترة ذاتها لتقشير الحبوب عامي ۱۹۶۶ و ۱۹۶۷م.
لقد أدى النمو السريع للمدن والاستفادة من الشقق ذات المساحات القليلة إلى عدم إمكانية استعمال المواد الغذائية بشكل غير معبأ، فقد زادت ثقافة السكن في الشقق من حاجة المستهلك إلى المواد الغذائية قليلة الحجم ذات الصلاحية الطويلة والأنواع المختلفة، وقد أدرك المدراء هذه الحاجة مقتدين بالمجتمعات المتقدمة فقرروا إنتاج وتغليف المواد الغذائية بأحجام وأوزان قليلة حسب المبادئ الأولية، فقد قرروا في المرحلة الأولى إنتاج وتغليف المواد بأوزان ۵۰۰ غرام وتم اقتباس العلامات التجارية عن التصاميم والعبوات التي كانت تستورد من أمريكا مسبقاً على شكل عبوات ۵۰۰ غرام إلى إيران واختيرت علامة “بارلي” التجارية وطبعت على العبوات.
كانت العبوات تختم يدوياً بواسطة المواد اللاصقة (سيريش) وتملأ الأكياس بوزن ۵۰ كغ وتغلق يدوياً بواسطة خيط وترسل للمستهلك، لكن نمو المبيعات والطلب دفع بشركة ألويكو بإدارة السيد يوسف زاده الذي كان الوكيل الحصري لاستيراد الأجهزة الروسية المخصصة للدقيق إلى الدخول في محادثات انتهت إلى الاتفاق على شراء جهاز جديد وتركيبه مما زاد من كمية الإنتاج.
أدت الحاجة المتزايدة لاستهلاك الطاقة وكذلك الضوضاء التي تسببها الآلات إلى احتجاجات متوالية أعاقت عملية الإنتاج. ولذلك، طلبت الشركة من البلدية مهلة لنقل المصنع إلى مكان آخر. تم شراء أرض بمساحة تبلغ حوالي ۳۰۰۰ متر مربع على طريق طهران كرج كيلومتر ۲۲ (من ساحة انقلاب وحتى المكان الحالي) وأخذت بعين الاعتبار لأجل نقل المعمل وتمت مراسلة وزارة الصناعة التي كانت موجودة أنذاك جنوب قصر العدل الفعلي الكائن في ساحة أرك لأجل الحصول على الرخص اللازمة وتمت الموافقة على النقل. من جهة أخرى، أصدرت بلدية المنطقة ۹ رخصة لعمليات الإنشاء عامي ۱۹۶۸ – ۱۹۶۹م بالإضافة إلى رخصة من وزارة الصناعة والتعدين لأجل مزاولة النشاطات عامي ۱۹۷۳ و ۱۹۷۴م.
شملت عمليات الإنشاء مبنى الإنتاج بمساحة ۳۵۰ متراً مربعاً والمبنى الإداري بمساحة ۲۰ متراً مربعاً ومبنى للخدمات بمساحة ۲۰ متراً مربعاً وجرى تركيب الأجهزة والمعدات الحديثة واستمرت عملية الإنتاج. تم شراء مكائن وأجهزة من ألمانيا وروسيا وتوسيع نشاطات الإنتاج، فزاد عدد العاملين من ۳ إلى ۴ ثم إلى ۱۰ وشهدت المنتجات تنوعاً كبيراً حيث شملت الشعير المقشر والقمح المقشر والسميد الذي يستعمل لتغذية الأطفال ونموهم.
تطلبت عملية إنتاج المواد الغذائية معايير أصعب حيث طرحت كل من وزارة الصناعة ووزارة الصحة معاييرها الخاصة وقد تم مطابقة الإنتاج لهذه المعايير بهمة الناشطين وجهودهم حتى فرضت قيود خاصة على استيراد المنتجات والآلات مع انتصار الثورة الإسلامية عام ۱۹۷۹م، فتم تغيير ماركة بارلي نظراً لمتطلبات المرحلة واستبدلت بكلمة “ترخينه” الأصيلة. خرجت بعض الآلات القديمة من عجلة الإنتاج واستبدلت بآلات جديدة إيرانية الصنع، لكن الإنتاج واجه ركوداً بشكل طبيعي حتى استقرار المؤسسات الإسلامية، ولأجل زيادة الإنتاج واستمرار الفعاليات، فقد أخذت بعين الاعتبار بعض الحلول مثل إضافة منتجات جديدة واستكمال السلة الغذائية حيث أضيف الشعير المجروش والقمح المجروش والبسقماط إلى سلة منتجات ترخينه.
مع إضافة هذه المنتجات، شهد الإنتاج نمواً إلى المستوى المطلوب وزاد عدد العاملين إلى ۲۵ وانتشر شعار “ترخينه، ضيف الأسرة” على نطاق واسع.
كانت المجموعة تدار كشخص طبيعي حتى ذلك الوقت، وعام ۱۹۹۴م تم تسجيل شركة مساهمة خاصة باسم ترخينه للإنتاج برأس مال بلغ ۵۰ مليون ريال إيراني. تعتبر شركة ترخينه في الوقت الحاضر من الماركات المشهورة في مجال الصناعات الغذائية برأس مال مسجل يبلغ ۲۷ مليار ريال إيراني وتقع على أرض بمساحة ۳۰۰۰ متر مربع ويعمل فيها حوالي ۱۷۰ عامل في مجال إنتاج وتعبئة وتغليف ۱۲۰ نوعاً من السلع (والتي تشمل بشكل رئيسي الحبوب والبقوليات والتوابل والبسقماط والدقيق والحساء الجاهز) وتقع على طريق طهران كرج القديم كيلومتر ۱۴ وتعمل بشكل فعال.
منذ حوالي ۱۰ سنوات، وشركة ترخينه تعمل تحت إدارة الدكتور كيكاوس كاوسي الحاصل على شهادة في هندسة الطرق والبناء ودكتوراه في الإدارة وهو المساهم الرئيسي لشركة ترخينه وتدار المجموعة الآن بواسطته برفقة السيد ويدا تيمورنجاد.
وتفخر شركة ترخينه اليوم بالحصول على علامات المعايير الإيرانية الوطنية المختلفة وعلامة المعايير وارتقاء الجودة والسلامة في مجال المنتجات الغذائية وعلامة حلال وعلامة البيئة الخضراء وعلامة الماركة المحبوبة لدى المستهلك وشهادات ISO9001 ، ISO10002 ، HACCP ، ISO ۲۲۰۰۰ وعلامة الإدارة الوطنية الجديرة والإدارة المتميزة للمخاطر بالإضافة إلى علامات ISO14001 (البيئة) و ISO18001 (السلامة والإدارة المهنية).